ندوة حول التعليم عن بُعد: لجودة التعليم رغم التحدّيات
أقامت جامعة المعارف، يوم الثلاثاء 21 تموز 2020، ندوة تحت عنوان "التعليم عن بُعد: آفاق وتحدّيات"، شارك فيها مستشار دولة رئيس الحكومة اللبنانية لشؤون التعليم العالي والأبحاث العلمية الدكتور أسعد عيد، أستاذ العلوم الاجتماعية والمستشار العلمي والأكاديمي في الجامعة الدكتور طلال عتريسي، الأستاذة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية والباحثة التربوية الدكتورة غادة جوني، وأدارها رئيس لجنة التعليم عن بُعد ورئيس قسم المحاسبة في كلية إدارة الأعمال في جامعة المعارف الدكتور حسن ركين، حيث جرى نقل الندوة إلكترونياً بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين والمتخصّصين التربويين.
بداية، أكّد الدكتور عتريسي أن التعليم العالي وحتى التعليم ما قبل الجامعي ليسا ممارسة تقنية أو رقمية فحسب، بل يجب أن يكونا على صلة وثيقة بالثقافة والمجتمع وأن يتم تسخيرهما للاستفادة في خدمة الأهداف الإنسانية السامية التي نعمل من أجلها.
ولفت عتريسي إلى أن استخدام التقنيات الحديثة لا يعني بالضرورة أن مستوى التعليم أصبح أفضل، بل يعني اختلاف الوسائل، مشيراً إلى أفضلية وأهمية اعتماد سياسة الدمج بين "التعليم عن قُرب" و"التعليم عن بُعد" بحيث "لا تستعجل الجامعة القفز في المجهول الذي لا تملك الكثير من أدوات الوقاية من مخاطره المحتملة على التعليم العالي والمجتمع على حد سواء".
بدورها أشارت الدكتورة جوني إلى اختلاف التعريفات للتعليم عن بُعد وإلى ضرورة تحديد نوع التعليم عن بُعد الذي تتم معالجته، وأهمية الوصول إلى حلّ منصف حول تحدّي إجراء الاختبارات عن بُعد أو حضورياً والإكتفاء بالتعليم إلكترونياً.
ولفتت جوني إلى أن التعليم عن بُعد لمع رونقه في الآونة الأخيرة نتيجة ثورة تكنولوجيا المعلومات وعصر الرقمنة وتوفر الإنترنت الذي يجري توظيفه في خدمة التعليم عن بُعد، مشددة على أن جودة التعليم تحكمها طريقة التعليم نفسها، "فيمكن للتعليم عن بُعد أن يكون تقليدياً أيضاً ليس من خلال حيّز المكان فحسب، بل بالدور الذي يلعبه الأستاذ في الإكتفاء بنقل المعارف وتلقينها دون أي تفاعل مع المتعلّم وهو ما يُعرف بالتعليم السلبي"، ثم قدّمت عرضًا لبعض تجارب التعليم عن بُعد في دول عربية وأجنبية.
من جهته، لفت مستشار دولة رئيس الحكومة للتعليم العالي إلى التحدّي الأبرز في التعليم عن بُعد وهو كفاءة الأساتذة في التعليم من خلف الشاشات بما يتطلّبه ذلك من مهارات خاصة، ومدى مطابقة المعلومات التي يتم تعليمها عن بُعد مع تلك التي يكتسبها الطلاب داخل القاعات الدراسية.
وشدّد الدكتور عيد على أهمية مواكبة الجامعات للتطوّر الرقمي بعد أزمة فيروس كورونا لتتمكن من الاستفادة منه في التعليم عن بُعد، سيما لغياب المساواة بين المناطق الجغرافية التي يفتقد بعضها لتوفر الإنترنت والتقنيات اللازمة لهذا النوع من التعليم، مؤكدًا على أهمية تشريع التعليم عن بعد مع وضع الشروط والآليات المناسبة لتحقيق الجودة المطلوبة.
ولفت الدكتور عيد إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية منذ بدء الأزمة، سيما في يتعلق بإجراء الامتحانات حضورياً أو إلكترونياً، والتحدّيات الأخرى التي واجهت الحكومة في هذا المجال، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على دراسة إمكانية تعديل قانون التعليم العالي مع الحقوقيين والمتخصّصين، كما تسعى لإقرار قانون "جودة التعليم العالي" الذي يساهم في الإجابة عن استفسارات كثيرة تتعلق بالتعليم عن بعد وبجودة التعليم العالي بشكل عام.
وبعد مجموعة من المداخلات القيمّة من قبل الأساتذة المشاركين، ختم رئيس جامعة المعارف الدكتور علي علاء الدين بالدعوة إلى استخدام التكنولوجيا والوسائل الرقمية في رفع مستوى التعليم العالي وعدم ربطه بالتعليم عن بُعد فقط، مشددًا على أن "الضغط الذي نعيشه بسبب جائحة كورونا يجب أن لا يقودنا للتسرّع في تشريع التعليم عن بُعد بشكل كامل في ظلّ عدم وجود قانون يحمي جودة التعليم العالي ويضع الضوابط الضرورية لعدم انتشار الفوضى في هذا القطاع الحيوي، وتأمين الحماية لمستقبل شبابنا.
وأكّد الدكتور علاء الدين على ضرورة الإجابة عن التساؤلات حول مستقبل الجامعات والحياة الجامعية وتأثيرها على الطلاب، معتبراً أن اعتماد التعليم المدمج يوازن بين الاستفادة من التقنيات الحديثة وبين الحفاظ على جودة ومستوى التعليم العالي، واعدًا "باستمرار الجامعة في تحمّل المسؤولية في البحث والحوار حول التعليم عن بُعد، والضوابط الواجب اعتمادها لحماية مستقبل التعليم العالي في لبنان".