ندوة حول الهويّة الثقافيّة في مناهج التعليم الجامعيّة
نظّم مركز أبحاث العلوم الإنسانيّة والدينيّة في جامعة المعارف، ندوة حواريّة بعنوان "الهويّة الثقافيّة في مناهج التعليم الجامعيّة"، قدّمها أستاذ علم الاجتماع ومدير المركز د. طلال عتريسي، يوم الجمعة الواقع فيه 5 كانون الثاني/يناير 2024، في حرم الجامعة (بلوك A) في بيروت، بحضور أفراد من الهيئتين الأكاديميّة والإداريّة في الجامعة، وعدد من المهتمّين في الشأنين الثقافي والأكاديمي.
بدايةً تحدّث الدكتور عتريسي عن تشكّل الهوية الثقافية في عالمنا المعاصر، والأحداث الكبرى التي تُمهّد لتغيير فكري واجتماعي ينعكس عليها، مشيرًا إلى أن "التغيير في الهويّة هو مسار متعرّج من التقدّم والتراجع، وقد شهدت شعوب العالم نهوضًا حضاريًّا، ورغبة في استعادة هوّيتها والتخلّص من هيمنة الغرب الثقافية والسياسيّة والاقتصاديّة".
وتطرّق أستاذ علم الاجتماع في حديثه إلى أحداث كبرى أسّست وتؤسس لهويّة الغرب الثقافيّة، ومنها الحروب الدينيّة، والثورة الفرنسيّة، والاكتشافات العلميّة والتي "ستترك تأثيراتها العميقة على حياة النَّاس، وعلى طرائق تفكيرهم وعلى تشكّل هويّتهم الثقافيّة والاجتماعيّة، وحتَّى على أُسُس العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة ومنطلقاتها ونظريَّاتها".
وأشار مدير المركز إلى أن "الهويّة الثقافيّة الفكريّة صنعتها الجامعة، وصنعها الفكر الفلسفي (داروين ونيتشه) والفكر الاقتصادي/ الفلسفي (آدم سميث)، من البقاء للأقوى والأصلح إلى هدم الأخلاق، واختصار السعادة في الربح وجني المال، مشددًا أن "هذه النظريات والأفكار هي صناعة الجامعة ومراكز الدراسات، وأن الجامعة هي التي صنعت في الوقت نفسه صورة الآخر (الشرقي، المسلم، الصيني، المتخلّف...) من خلال دراسات الاستشراق".
وختم الدكتور عتريسي ندوته بالتطرّق إلى الأزمة التي رافقت تأسيس الجامعات العربيّة وعلومها الإنسانيّة، استنادًا إلى وظيفة الجامعة وأدوارها من نقل المعرفة وإنتاجها إلى خدمة المجتمع، "كي لا تكون الجامعة مجرّد ماكينة استنساخ لعلوم الغرب، ولكي تتمكّن جامعاتنا من إنتاج هويّتنا الثقافيّة والمعرفية المستقلة".