كلمة رئيس جامعة المعارف
البروفّسور علي علاء الدّين
فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ممثّلاً بالوزير الأستاذ بيار رفّول، دولة رئيس مجلس النوّاب الأستاذ نبيّه بريّ ممثّلاً بسعادة النائب قاسم هاشم، الضّيوف الأعزّاء الحضور الكرام، السّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.
يُسعدني ويُشرّفني أن أرحّب بكم جميعًا وأوجّه لكم التّحيّة شاكرًا مشاركتِكم في فاعليّات هذا المؤتمر الدّوليّ الأوّل تحت عنوان "نحو ثقافة الحوار بين الأديان".
السيّدات والسّادة
يتزايد الاهتمام العالميّ بقضيّة الحوار على المستويات الدّينيّة والثّقافيّة والحضاريّة، وقد حصلت في السّنوات السّابقة لقاءاتٌ بين المرجعيّات الدّينيّة على المستويات الدّوليّة والإقليميّة والمحليّة من أجل الحوار بين الأديان، وناقش المجتمعون هذا الحوار وسبل نجاحه واستمراره، لكن ما يجري في منطقتنا العربيّة والإسلاميّة وكذلك ما يشهده العالم من انتشار ظواهر معاديةٍ للدّين عمومًا أو تمرُّس القتل وسفك الدماء باسم الدّين، بات يسيء إلى صورة الدّين نفسه، ويثير القلق العميق على وحدة المجتمعات واستقرارها ومستقبلها، وما يزيد من هذا القلق ما نشهده من طموحاتٍ ورهاناتٍ دوليّةٍ وإقليميّةٍ تعمل على توظيف الظّواهر المتطرّفة والمعادية للأديان في حروبٍ مذهبيّةٍ ودينيّةٍ من أجل التّقسيم والتّفتيت والهيمنة.
في هذا الإطار من الاهتمام بالحوار عمومًا، وبين الأديان خصوصًا بادرت جامعة المعارف بالتّعاون مع الجمعيّة اللبنانيّة لتقدّم العلوم (LAAS) إلى الدّعوة للمؤتمر الدّوليّ الأوّل "نحو ثقافة الحوار بين الأديان"، إنّنا نعتقد أنّ ما نحتاج إليه هو تأسيس أو بناء ثقافة الحوار بشكلٍ يستطيع من خلالها الإنسان قبول الآخر المختلف ثقافيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا.
إنّ ما نطمح إليه من خلال هذا المؤتمر هو البحث في كيفيّة تشكّل ثقافة الحوار، التي ينظر الإنسان من خلالها إلى نفسه وإلى الآخر من الدّين نفسه، وإلى الأديان الأخرى، لأنّنا نرى هذه الثّقافة هي الأصل سواء في المواقف المعادية للدّين أو فيما يرتكب من ممارسات، أو يبرّر من سلوكيّات العنف، لأنّ سلوك الإنسان هو حصيلة الثّقافة التي تربّى عليها وتحوّلت بعد ذلك إلى قِيَمٍ ومفاهيم وممارسات.
تطمح الدّعوة إلى ثقافة الحوار أن يصبح هذا الحوار، كمفهومٍ وممارسة، أحد المكونّات الأساسيّة لشخصيّة الإنسان ولممارساته المجتمعيّة لأنّنا نعتقد أنّ العلاقة مع الآخر والتّعامل معه يجب أن يكون وفق القاعدة التي تقول الناس صنفان إمّا أخٌ لك في الدّين وإمّا نظيرٌ لك في الخلق.
إنّ المؤتمر الدوليّ الذي تعقده جامعة المعارف، كلّيّة الأديان والعلوم الإنسانيّة بالتعاون مع الجمعيّة اللبنانيّة لتقدّم العلوم لا يريد أن يكرر فكرة الحوار وضروريّاته بل يريد أن ينتقل إلى ثقافة هذا الحوار، كيف تنشأ؟ وما هي معوّقاتها؟ ومن هي المؤسّسات التي يجب أن تعمل على نشر هذه الثّقافة في المجتمع؟
وفي هذا المضمار نعتبر أنفسنا في خدمة رسالة سامية ومهمّة شريفة لأنّ الحوار الذي نريده هو الحوار الذي تستنير به العقول والبصائر، الذي يرتقي بنا في سلّم الحضارة، بعيدًا عن الحقد والعنصريّة، وهذه هي مهمّة من التزم بتعاليم السماء ورسالة العلم ومن يعمل لحماية مجتمعه من التخلّف والجهل.
أتمنّى أن يحقّق هذا المؤتمر الأهداف المرسومة له، والمتوخّاة منه، وأشكر فخامة الرئيس العماد ميشال عون على اهتمامه ورعايته، وهو الذي دعا ليكون لبنان مركزًا لحوار الأديان والحضارات.
وأشكر كلّ الذّين ساهموا في التحضير لهذا المؤتمر في جامعة المعارف والجمعيّة اللبنانيّة لتقدّم العلوم وأشكركم مجدّدًا على مشاركتكم وأخصّ بالذكر ضيوفنا الأعزّاء الذين جاؤوا من خارج لبنان، وتحمّلوا عناء السفر متمنّيًا لهم إقامة طيّبة ومريحة في ربوع هذا البلد الجميل لبنان، لبنان الذي يسجّل انتصارًا جديدًا على الإرهاب التكفيريّ كما انتصر على الاحتّلال الصهيونيّ وكلّ هذا بسبب تضحيات جيشه وشعبه ومقاومته.
نأمل في الختام أن نوفّق، في مؤتمرنا هذا، إلى تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر من أجل صناعة الحياة بالعلم والمعرفة ورفض الكراهيّة والتعصّب انسجامًا مع الآية المباركة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته