أعمال اليوم الثاني لمؤتمر التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية
بيروت - 21 تشرين الثاني 2018،
استكملت أعمال اليوم الثاني والأخير للمؤتمر الدوليّ لــ"التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب"، الذي نظمته جامعة المعارف، وقد عُقدت فيه ثلاث جلسات، يوم الأربعاء 21 تشرين الثاني، في "قرية الساحة التراثية" بالعاصمة اللبنانية بيروت.
المحور الرّابع
المحور الرّابع حمل عنوان "تجارب في التأصيل الثقافي" وقد ترأس الجلسة الدكتور محمد ضيف الله القطابري، رئيس جامعة عمران من صنعاء، اليمن. في المداخلة الأولى عرض التجربة الإيرانية الدكتور محمد سعيد مهدوي كني من إيران حيث طرح في ورقته شعار "الجامعة الإسلامية المرجع"، والتي "حصلت على هوية مستقلة عن المؤسسات التعليمية الأخرى في إيران. وتَفرُّد هذه المؤسسة في مسار انتاج العلوم الإنسانية والاجتماعية الإسلامية، يمكن أن يُعتبر حصيلة رؤيتها الخاصة إلى البنية، والمنهاج التعليمي، وإلى المعلّم والمتعلّم كمكونات أساسية مانحة لهوية هذه الجامعة".
أما الدكتور أنور أبو طه من فلسطين، فعرض تجربة المعهد العالمي للفكر الإسلامي في "إسلامية المعرفة" وذلك من خلال "عملية إنتاج المعارف في شتى العلوم والتي ساهمت في بناء الجامعة الإسلامية في ماليزيا والمعاهد المختلفة".
التجربة التركية، حضرت في مشاركة الدكتور إبراهيم پور، من تركيا، والذي عرض "أثر التغريب على النظام التعليمي في تركيا وما تركه من عواقب على المجتمع، انطلاقاً من المعطيات التاريخية"، مناقشا في بحثه الآثار التي تركتها عملية التغريب في الدولة العثمانية وفي تركيا الحديثة مسلّطاً الضوء على بعض الأحداث التاريخية المهمة.
المحور الخامس
في المحور الخامس، الذي تناول تجارب في التأصيل الثقافي، ترأس الجلسة الدكتور كلود الڤاريس منسق مشروع "تحرير الجامعة" من الهند. المداخلة الأولى كانت من أفريقيا للدكتور لوتو بابوزيبوا من أوغندا والتي حملت عنوان "الأفكار والتجارب الأفريقية حيال تأصيل العلوم"؛
إذ ركز الباحث في ورقته على "إعادة تنشيط جميع المواقع الثقافية والفكرية في المجتمع واللغات القومية بحيث يمكن للخبراء الاجتماعيين والأكاديميين أن يعالجوا إشكالية التكنولوجيا والعلوم الملائمة وإقرارها كي يتعاملوا مع تحدياتهم الوجودية". أما تجربة جنوب شرق آسيا فعرضها الدكتور سيد فريد العطاس بعنوان "النظرية الجنوبية، التحرّر من الاستعمار والعلوم المستقلة". في ورقته، عرض العطاس فكرة "النظرية الجنوبية" التي طرحت "كعلم اجتماعي مستقل متحرر من الاستعمار"، مناقشا في البداية فكرة 'الجنوب' كمفهوم إرشادي، "لكنه أقرب إلى التشبيه أو إلى الرمز للتبعية الفكرية، وهذا يؤدّي إلى فهم خاص لمعنى النظرية الجنوبية بوصفها علماً اجتماعيا محرراً من الاستعمار".
المحور السّادس
المحور السّادس والأخير، تناول "دور الجامعة في التأصيل الثقافي" برئاسة الشيخ الدكتور أكرم بركات، مدير جمعية المعارف الإسلامية في لبنان، وقد تناول الدكتور طلال عتريسي، من جامعة المعارف، "واقع العلوم الإنسانية في الجامعات العربية". واستعرض الباحث عتريسي "إشكاليات التعامل مع العلوم الإنسانية في الجامعات العربية إذ تبين من خلال متابعة ما كتب وما عقد من مؤتمرات في أكثر من جامعة عربية أن هناك قاسماً مشتركاً، هو 'الأزمة' في توصيف هذا التعامل مع تلك العلوم. وتعود هذه الأزمة إلى تشكل هذه العلوم خارج السياق التاريخي والمجتمعي للمجتمع العربي، وتبعيتها للسوسيولوجيا الغربية، وعدم الثقة بمناهجها في فهم مجتمعاتها، من جهة؛ واختصار عائد التعليم الجامعي بفاعليته في سوق العمل من جهة أخرى".
بدوره، عرض الدكتور محمد ضيف الله القطابري من اليمن، "مناهج التعليم الجامعي والتأصيل الثقافي". وركز القطابري في دراسته على ضرورة احتواء المناهج على "أساسيات التأصيل الثقافي لمحتوياتها العلمية بالشكل الذي يضمن تحصين شبابنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية من مخاطر الانحراف الفكري والغزو الثقافي في وقت أصبح فيه التداخل الفكري والثقافي بيد الثقافات المختلفة أسهل ما يمكن". وعرج الدكتور حجاج أبو جبر، من مصر، في دراسته على "العلوم الإنسانية في خدمة المجتمع" على مفهوم "عصر بناء الأمة"، مستشهداً بــ"المفكر المصري أحمد لطفي السيد، المدير الأول للجامعة المصرية الجديدة في عشرينيات القرن العشرين، إذ لم يذكر كلمة 'المجتمع' في سيرته الفكرية 'قصة حياتي'، في حين وردت كلمة 'الأمة' في سيرته ثمانين مرة". وسعى الباحث أبو جبر في ورقته إلى عرض إشكالية "تقليد العلوم الإنسانية ومناهجها ونظرياتها وأثرها على النخبة الثقافية المصرية المتطلعة إلى بناء الأمة".
وكانت قد شهدت جلسات المؤتمر عدداً من المداخلات والأسئلة من قبل الحضور. ومع نهاية الجلسات، توجه منسق المؤتمر، الدكتور طلال عتريسي، بالشكر للحضور واعداً بأن "أعمال هذا المؤتمر بصدد الجمع والمراجعة تمهيداً لإصدار الكتاب، على أمل أن يُترجم إلى أكثر من لغة". وفي الختام، قام رئيس جامعة المعارف بتوزيع دروع تكريمية على المشاركين في المؤتمر.